الأربعاء، نوفمبر 21، 2012

اقتصاديات الاحتيال البرىء




يصل المفكر الأقتصادى -جون جالبرث- فى نهاية كتابه - اقتصاد الاحتيال البرىء - إلى أن النظام الاقتصادى الحالى المسمى بنظام السوق هو اعادة صياغه فقط فى المسمى للنظام الرأسمالى بعد أن سأت سمعت الأخير كثيرا  قبل الكساد المالى الكبير وما ارتبط به من الاحتكار و الاستغلال البشع للعمال من أجل مصالح الكبار فقط و مصالح قلة صغيرة من الشعب.

و أن الحقيقة  اليوم أن  الادارات للشركات المساهمه هى المتحكم الحقيقى فى السوق، و فى مفاصل الدول و سياستها بغير ما هو متصور لدى البعض ، و أن حملة الأسهم على الرغم من أنهم فى الظاهر هم الملاك الح
قيقين للأسهم و من المفترض أنهم الموجه لسياسات الشركات المساهمه و ذلك عن طريق الاجتماعات السنوية لحاملى الأسهم ، إلا أنهم فى الحقيقة لا يعدو إلا أن يكونوا مجرد عرائس من الماريونت فقط، و أن المحرك الحقيقى هى تلك الادارات المتمثلة فى المديرين التنفيذين  .

و هذا النظام أصبح المتحكم فى القطاع العام، و المسيطر على التوجه العام للدول، و على تحريك الة الحرب الأمريكية، عن طريق توجيه سياستها نحو مزيد من الضربات ضد الدول الأخرى ، من أجل الحصول على عقود التنمية واعادة الأعمار و كذلك من قبل عقود الامداد و الدعم اللوجستى للجيش.

و يظهر هذا فى تولى مسئولى هذه الشركات لبعض المناصب فى الادارات الامريكية المتعاقبة و هوما ظهر جليا فى ادارة الرئيس بوش، الذى خاضت ادارته حربين فى أفغانستان و العراق و كانت على وشك الدخول فى حرب ثالثه.

ثم فى النهايه السؤال الذى يغيب فى ظل سياسة الاستهلاك، أين المنتج الحضارى الذى تم تقديمة بعد كل هذا الكم من الأنفاق على كل شىء ، فألنسان تحول فقط إلى مادة تنتج و تستهلك بدون أن تترك أى اثر حضارى يذكر بعد ذلك.

ثم يختم بهذه العبارات الرائعه التى تستحق الوقوف معها قليلا

"نحن نعتز بتقدم الحضارة منذ الأزمان الإنجيلية وقبلها بكثير، بيد أن هناك تحفظًا مطلوبًا وبالفعل مقبولا. وفيما أكتب الآن تواجه الولايات المتحدة وبريطانيا عاقبة مريرة للحرب على العراق. ونحن الآن نقابل موتًا مبرمجًا للشباب ومجزرة عشوائية للرجال والنساء من كل الأعمار. وهكذا وبشكل ساحق كان الأمر في الحربين العالميتين الأولى والثانية. وهكذا لازال في العراق وبشكل أكثر انتقائية عند كتابة هذه السطور، فالحياة المتحضرة – كما يقال – هي برج عظيم أبيض يمجد المنجزات الإنسانية إلا أنه توجد على القمة بشكل مستمر سحابة سوداء كبيرة. فالتقدم الإنساني يهيمن عليه موت ووحشية غير متخيلة.

أترك القارئ بحقيقة ذات صلة وتنطوي على حزن: قطعت الحضارة خطوات واسعة عبر القرون في العلم والرعاية الصحية والفنون، والأعظم – إن لم يكن بشكل كامل – الرفاه الاقتصادي، بيد أنها – أي الحضارة – أعطت وضعًا متميزًا لتطوير الأسلحة والحرب والتهديد بها. أصبحت المجازر الجماعية المنجز المتحضر النهائي الجوهري.

وحقائق الحرب لا فكاك منها – موت ووحشية عشوائية والتخلي عن القيم المتحضرة، ثم عاقبة فوضوية. وهكذا هو الوضع والمشهد الإنساني كما يتجليان الأن بأقصى درجة. ويمكن مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي ذكرت هنا، وكذلك الفقر والجوع الجماعي بالفكر والعمل. وقد حدث هذا بالفعل. أما الحرب فتبقى الفشل الإنساني الحاسم.""

ليست هناك تعليقات: